الحجامة وعلم الشفاء

أبان النبي محمد (ص) من علم الصحة ما فيه شفاء الأبدان وعافيتها، ومن هذا العلم: الحجامة وآثارها علي الصحة، فحث الأمة عليها وأقام لها في حياته (ص) سوقاً وفي ناديه إعلاماً، وذلك لما فيه من فوائد ومنافع قد تغيبت عن كثير من الناس.

ولأهميتها ومكانتها في الطب النبوي استشفي (ص) بها، فقد حث الملائكة والأنبياء محمداً (ص) علي استخدامها فطبقها وندب أمته إليها.

وظهر للعيان وبان لكل إنسان فائدتها وأهميتها مما يتفق مع ندب الإسلام وحثه عليها، فقد أثبت العلم الحديث علاج الحجامة لكثير من الأمراض، ووضح ذلك من خلال تجارب علمية وتحاليل مخبرية يخرس معها كل لسان، وينطفئ بها كل حاسد مرتاب.

هذا: وعند إجالة النظر في كثير من كتب الحجامة والمقالات وبعض الموضوعات ظهر لي أن الحجامة مع كثرة ما كُتب فيها تحتاج إلي زيادة عناية واهتمام وتدقيق لبعض القضايا العلمية. من أهمها دراسة الأحاديث الواردة في فضل الحجامة وأهميتها علماً أن الغرب والشرق قد قطعوا في استخدامها شوطاً طويلاً وجعلوا لها معاهد لدراستها ومعرفة استخداماتها وإحياء التطبب بها، بينما نجد في كثير من بلاد المسلمين محاولة لإقصائها وعدم الإهتمام بها وهذا فيه ما فيه من مصادرة أهمية الطب النبوي الذي يجب أن نرفع به الهامة، ونزيل به من الصدور السآمة، فقد تجلي في عالم الطب الحديث إعجاز الطب النبوي الذي ظهر من خلال البحث مصداقيته، والتي لا يشك فيها مسلم، ولو خالف ذلك العلم ونظرياته، فكيف وقد وافق ذلك الطب النبوي واستخدامه (ص) في أكثر من موضع علي جسده الشريف ولولا هذه الأهمية والمكانة لهذه الحجامة طبياً لما كان لها ذلك التفاعل والتعامل والندب واستخدامها منه (ص) وصحابته رضي الله عنهم وأهل العلم والمعرفة بالطب قديماً وحديثاً، وهذا يستدعي إعادة النظر في استخدامها وفتح المجالات لها وتهيئة الكوادر المتخصصة والأماكن المجهزة لأنها من أنجح العلاج وأسهله فهي علاج للعامة والخاصة.

ويُشكر لبعض البلاد الإسلامية اهتماماتها بالحجامة والتي أصبحت مناراً يفيد إليها الغرب لتعلمها، بينما نجد من يصادرها ويضيق عليها. فإن كان جهلاً منه ولا أخاله فليتعلم، وإن كان حسداً فليتق الله، وإن كان حرصاً ومحافظة علي المجتمع، وأن لا يمارس ذلك من لا يتقنه، وأن يقنن ذلك ويكون تحت إشراف طبي متخصص، وأن يتوفر له شروط معينة وهذا ما أظنه وأحسب المانعين يقصدونه. فأنا ضد العشوائية وضد المصادرة المطلقة.

وقد اجتهدت في هذا البحث لأبين هذه السنة وما فيها من منافع كثيرة لصحة الأبدان، وقد حاولت دراسة الآثار الواردة في الحجامة وتأصيلها شرعاً، ثم بيان ما قاله أهل الطب القديم، وما توصل إليه الطب الحديث مع ذكر بعض الجوانب العلمية التي يعرف بها أهمية الحجامة، ومجال التطبب بها، فإن أصبت فذلك بتوفيق الله وإن أخطأت فعذري أني اجتهدت.