0 نجمة - 0 صوت
د/ أمين رويحة
تصنيف الكتاب: كتب الصحة العامة
عدد الصفحات: 302
حجم الكتاب: 4.1 MB
مرات التحميل: 7823
مرض البول السكري منتشر في جميع أقطار العالم وبين جميع الأجناس وفي مختلف الأعمار،ولو أن الإصابة به تفضل العرق السامي - أي العرب واليهود - وتظهر غالباً في السن المتوسطة أو في السن التي تلي ذلك.
ومرض البول السكري ليس من الأمراض المستحدثة بل هو معروف منذ القدم، حيث كان يسمي (بوال Diabetes) ومازالت هذه التسمية شائعة حتي وقتنا الحاضر. غير أنه منذ أن اُكتشف، قبل بضعة قرون، أن للبول في هذه الإصابة مذاقاً (طعم) حلواً، أضيفت هذه الصفة إلي التسمية فأصبحت (بوال سكري أو بول سكري = Diabetes Mellitus، وميليتوس كلمة لاتينية تعني الحلو كالعسل). وهناك نوع آخر من البوال غير السكري يسمي (بوال مليخ Diabetes Insipidus) وهو غير ذي بال، سوف لن نتوسع في التحدث عنه.
وقد دلت الإحصاءات الصحية للبلاد الراقية أن نسبة الإصابة بمرض البول السكري أخذت منذ الإنتهاء من الحرب العالمية الثانية بالإزدياد المطرد. فبينما كانت هذه النسبة في زمن الحرب لا تتجاوز (0.2%) في المانيا مثلاً بلغت في وقتنا الحاضر (1.5%) من عدد السكان. وهي زيادة مخيفة حقاً ولكن أسبابها غير غامضة. ذلك لأن البول السكري يصيب المترفين (الشبعانين) بأكثر مما يصيب (المحرومين) الذين يعانون الشح فيما يتناولوه من الغذاء. وهذه ملاحظة جديرة بالإهتمام لأنها تكوّن أحد العوامل المؤثرة الفعالة في منهاج العلاج.
ويخشي العامة عوامل الإصابة بالبول السكري كثيراً ويعتبرونها من أشد الإصابات المرضية خطراً علي الحياة. في حين أن أحد كبار الأطباء الألمان يقول: "لو كان من المحتوم عليّ أن أصاب بمرض شديد وترك لي حرية اختيار هذه المرض لما اخترت سوي الإصابة بالبول السكري" وذلك لأن بإمكان المعالجة الصحيحة السيطرة التامة علي هذه المرض، والحيلولة دون مضاعفاته الخطرة، ولو أنه ليس بالإمكان الشفاء منه.
والمعالجة الصحيحة لا تكتفي بمعالجة الأعراض المرضية فقط، بل لابد لها من الإمتداد إلي جذور المرض والقضاء عليها. وهذا يتطلب بالطبع معرفة هذه الجذور وأساليب الوصول إليها. ومهما كان الطبيب حاذقاً وعالماً بأسرار المرض وغوامضه فإنه لن يتمكن من تطبيق المنهاج الصحيح للمعالجة إلا بمساعدة المريض نفسه وتفهمه لإجراءات المعالجة والرضوخ إليها بتفهم وإدراك. وهذا ما سأحاول في هذا الكتاب تزويد المصابين بالبول السكري بأكبر قدر ممكن منه وأرجو الله أن يوفقني إلي ذلك.
إن مرض البول السكري أو علي الأصح الإستعداد للإصابة به وراثي ينتقل إلي الذرية عبر الأجيال. فإذا تتبعنا الأجيال السابقة للمصاب بمرض البول السكري نجد أن عدة أشخاص من هذه الأجيال كانوا مصابين بهذا المرض أيضاً. ومن البديهي أن يكون أكثر الأشخاص استعداداً للإصابة بهذا المرض هم الذين يرثون هذا الإستعداد من أجيال الوالدين، أي من أجيال الأب وأجيال الأم معاً. والباعث للإصابة بمرض البول السكري هو وجود قصور في أعمال الغدد الصماء أي الغدد التي تفرز مختلف أنواع الهرمونات في الجسم وعلي الأخص في غدة البنكرياس منها. وقد سبق أن تعرفنا خصوصاً في كتاب "أمراض الجهاز الهضمي" إلي هذه الغدة المنشورية الشكل والتي يبلغ طولها من (14 - 18) سم وتمتد في أعلي البطن فوق قسم الأثني عشر من الأمعاء الدقيقة وراء المعدة مباشرة. وغدة البنكرياس غدة مختلطة تفرز عصارة للهضم تصبها مع المرارة في قناة مشتركة إلي داخل الأمعاء الدقيقة تساعد علي هضم وتحليل المواد الغذائية بجميع عناصرها. وفي داخل أنسجة غدة البنكرياس/ وجزر متعددة من نسيج خاص تسمي (جزر لانك هانس) وهي من الغدد الصماء تفرز هرموناً يسمي (انسولين Insulin) هو الذي ينظم عملية استقلاب المواد السكرية في الجسم. وبين الأنسولين هذا وإفرازات (هرمونات) الغدة النخامية في أسفل الدماغ - ارتباطات وتشابكات معقدة جداً لا تهم ولا يتفهمها سوي الأطباء ولا فائدة للعامة من التوسع في شرحها.
بماذا تقيّمه؟