كتاب الامير الصغير

0 نجمة - 0 صوت

الامير الصغير

انطوان دو سانت ترجمة/ يوسف غصوب

تصنيف الكتاب: كتب أطفال

عدد الصفحات: 51

حجم الكتاب: 0.5 MB

مرات التحميل: 4529


وصف الكتاب :-

رأيت، وأنا في السادسة من عمري، صورة رائعة في كتاب عن "الغابة العذراء" يدعي "قصص حقيقية" وكانت الصورة تمثل ثعباناً (بُوا) يبتلع وحشاً. وقرأت في الكتاب أن الثعابين تبتلع فريستها بالكامل، من دون أن تمضغها، فإذا ابتلعتها عجزت عن كل حركة ونامت مدة ستة أشهر حتي تنتهي من هضمها.

وبعد أن فكرت ملياً فيما يقع في الغابات من الحوادث أخذت قلماً فيه رصاصة ملونة وخططت أول رسم رسمته. ثم أريت باكورة فني الكبار من الناس (أعني الكبار في السن) وسألتهم قائلاً: أما يخيفكم هذا الرسم؟

فأجابوا: متي كانت القبعة تخيف الناس؟

ما كان رسمي يمثل قبعة بل ثعباناً يهضم فيلاً. ثم رسمت باطن الثعبان عسي أن يفهم الكبار فإنهم في حاجة دائمة إلي الإيضاح. وكان رسمي الثاني فيلاً.

فلما أبرزته لكبار الناس تنصحوا لي بأن أدع جانباً رسم الثعابين من الخارج والباطن وقالوا: الأفضل لك أن تعني بدراسة الجغرافية والتاريخ والحساب وقواعد اللغة، فأهملت، وأنا في السادسة من عمري، مستقبلاً باهراً في فن التصوير لأن رسمي الأول والثاني لم يروقا كبار السن. إن هؤلاء الكبار لا يدركون شيئاً من تلقاء نفوسهم فلابد للصغار من أن يشرحوا لهم ويطيلوا الشرح ويكرروا. ولا يخفي ما في هذا من التعب والعناء.

اضطرت إلي اختيار مهنة أخري، فتعلمت قيادة الطائرات وطرت هنا وهناك في مختلف أنحاء العالم.

ومما لا ريب فيه أن الجغرافيا كانت لي خير معاون في طيراني، فكنت أفرق، لأول وهلة، ومن دون أي تردد، بين بلاد الصين و أريزونا. وفي هذا فائدة جلّي ولاسيما إذا ضل الطائر طريقه في الليل.

واتصلت، في مجري حياتي، بكثير من أهل الرزانة والوقار، ولابست كبار الناس ملابس حميمة، غير أن سوء رأيي فيهم لم يتبدل تبدلاً يذكر.

كنت إذا لقيت أحدهم وبدا أنه علي شئ من صفاء الذهن امتحنته بالرسم الأول الذي احتفظت به، لأري مقدار ما عنده من الفطنة، والإدراك، فإذا قال: "هذه قبعة" أضربت عن الكلام علي الثعابين والغابات العذراء والنجوم، وإنحططت إلي مستوي فهمه فحدثته عن "البردج" وعن "الغولف" وعن ربطة العنق، وفي السياسة، فيسر سروراً كثيراً لتعرفه إلي رجل علي هذا الجانب من التعقل.

وظللت هكذا وحيداً لا أجد من اتحدث إليه حديثاً صادقاً حتي اليوم الذي تعطلت فيه طائرتي في الصحراء وقد مر علي هذا الحادث ست سنوات. وكان العطل في المحرك ولم يكن في الطائرة ميكانيكي ولا ركاب، فتأهبت لإصلاح العطل بنفسي علي ما في إصلاحه من الصعوبة، علي أن في إخفاقي أو نجاحي موتي أو حياتي، ولم يكن لدي من الماء إلا ما يكفيني مدة ثمانية أيام.

نمت في الليلة الأولي علي الرمل وبيني وبين أقرب بلد آهل ألف ميل، فكنت في عزلتي أشد انفراداً من غريق علي طوف في عرض المحيط. وشدّ ما كانت دهشتي عندما استيقظت في الصباح علي صوت نحيل غريب يقول: ارسم لي إذا شئت، خروفاً.


كتب ذات صلة

تقييم كتاب الامير الصغير

بماذا تقيّمه؟