0 نجمة - 0 صوت
المؤسسة العربية الحديثة
تصنيف الكتاب: كتب أطفال
عدد الصفحات: 16
حجم الكتاب: 3.8 MB
مرات التحميل: 3548
كان من عادة أهل بلدة جحا أن يتناوبوا في الذهاب من بلدتهم إلي البلدة المجاورة، والتي تبعد عن بلدتهم بضعة كيلومترات، لطحن القمح كل أسبوع.
وفي يوم جاءت نوبة جحا، وقد جمع أهالي البلدة تسعة حمير محملة بالقمح. اقترب عمدة البلدة من جحا، وقال: إليك يا جحا تسعة حمير، إياك أن تفقد واحداً منها في الطريق. قال جحا: اطمئن، سأذهب وأعود بسرعة بالدقيق المطحون، لنصنع الفطائر والخبز. ثم ودعه أهل البلدة، وسار جحا بالحمير بعد أن ركب أحدها.
وفي الطريق خطر له أن يعد الحمير، وفوجئ بأنها ثمانية فقط، فضاع صوابه وأخذ ينظر يمينه وشماله دون جدوي، واعتقد أن حماراً ضاع وخاف من أهل البلدة.
صاح جحا بالحمير فوقفت، ثم نزل عن حماره وأخذ ينظر هنا وهناك وخلف الأشجار، ثم عاد وعدها ثانية فوجدها تسعة بالتمام والكمال، فقال: سبحان الله لقد أخطأت الحساب في المرة الأولي.
ركب جحا حماره وقاد باقي الحميرليواصل مهمته، وبعد قليل فكر أن يعد الحمير مرة أخري، فإذا بها ثمانية حمير فقط، فقال في نفسه مندهشاً: ما هذه اللعبة السخيفة التي يلعبها معي هذا الحمار التائه.
نزل جحا من ظهر حماره، وأخذ يعدها من جديد فوجدها تسعة، فكاد يجن، وفكر جحا في أن يكون هناك من يداعبه، ويتلاعب به، فجلس علي الأرض وهو ينظر إلي الحمير قائلاً: سأري الآن كيف يختفي الحمار.
وبعد قليل ركب حماره وساق الحمير أمامه، وفي الطريق أخذ يعد الحمير فوجدها ثمانية، فتوقف عن السير، وإذا برجل عجوز يُقبل علي جحا.
سأل الرجل عن حال جحا وما سبب حيرته، قال جحا: ألا يكفيني الناس؟ حتي الحمير تريد أن تعبث بي!! ثم نزل من فوق حماره. قال الرجل وما شأن الحمير بك؟ إنها لا تفهم شيئاً. قال جحا: كيف وهناك حمار يختفي ويظهر؟
علم الرجل بما حدث لجحا، فضحك وقال: لقد عددت الحمير، وهي تسعة بالتمام والكمال، هيا اركب حمارك وتوكل علي الله، ولا تدع الوهم يسيطر عليك.
ركب جحا حماره وسار قليلاً، ثم قام وعد الحمير فوجدها ثمانية، فصرخ مستغيثاً بالرجل العجوز، وكان لا يزال قريباً منه بحيث سمع صوته. فجاء الرجل وسأل جحا: ماذا جري؟
قال جحا وهو يبكي: انظر إليها مازالت ثمانية ولست واهماً.
ضحك الرجل وقال: إنك لم تعد الحمار الذي أنت راكبه.. وهذا هو سبب الإرتباك في العد، وهو أنك تعد الحمير بغير حمارك فتكون ثمانية، فإذا نزلت وأعدت العد وجدتها تسعة.
ضرب جحا بيده علي جبينه بشدة ونزل عن حماره، وأخذ يقبل الرجل شاكراً له وهو في سعادة بالغة. ثم ودعه الرجل العجوز وركب جحا حماره وساق أمامه قافلة الحمير.
عاد جحا إلي بلدته بعد أن طحن القمح وأصبح دقيقاً، وقد استقبله أهل بلدته بالترحاب، وسأله عمدة البلدة عن أي مصاعب صادفته فقال جحا: ما أكثر المصاعب البشرية التي تأتي من احتجاب الحقيقة عن العقل بحجاب الغفلة، لقد كدت أخسر حماراً بسببها.
بماذا تقيّمه؟