0 نجمة - 0 صوت
يعقوب الشاروني
تصنيف الكتاب: كتب أطفال
عدد الصفحات: 47
حجم الكتاب: 9.5 MB
مرات التحميل: 2755
يُحكي أنه كانت توجد ثلاث فتيات، يعملن في خدمة ثري، يقطن في منزل كبير، به كل مظاهر الترف. ولك يكن لدي زوجته إلا هؤلاء الخادمات الثلاث، لذلك كان عليهن أن يقمن بالكثير من الأعمال. وكان اسم الفتاة الكبري "ناعسة". وهي فتاة طويلة، ذات شعر أسود، ووجنات وردية. وكان في استطاعتها القيام بالكثير من الأعمال في وقت قصير لو أرادت ذلك، ولكنها لم تكن ترغب في العمل عادة، لأنها كسلانة.
وكان همها أن تقضي أكثر من نصف النهار علي مقعد في المطبخ، مرتدية ملابس غير منظمة ولا نظيفة، شعثاء الشعر، حافية القدمين. وكانت تقضي الساعات تقرأ القصص، وتحكي للفتاتين الأخريين ما يمكن أن تفعله لو أنها أصبحت غنية.
وكان اسم الثانية "جميلة"، وهي ذات وجه جميل جداً، زرقاء العينين، ذهبية الشعر، ولكنها كانت هي الأخري كسولاً تكره العمل.
ولم تكن تُهمل نفسها مثل "ناعسة"، بل علي العكس، كانت مغرمة جداً بأن ترتدي ملابس جميلة، وبأن تقف الساعات الطويلة تتطلع إلي نفسها في المرآة، وكانت تنفق كل نقودها في شراء أشياء جميلة ترتديها، مثل الزهور الصناعية، وشرائط الشعر والأحزمة، والأوشحة والعقود.
وأحياناً، عندما يخلو البيت من أصحابه، تتسلل إلي غرفة سيدتها، فترتدي أثوابها الفاخرة الواحد بعد الآخر، وتتزين بلحيها الثمينة، ثم تتمشي أما المرآة الكبيرة معجبة بنفسها، حتي لتقضي في كل مرة أكثر من ساعة، وهي تتأمل صورتها.
واعتادت "جميلة" أن تقول لنفسها: "إنني أجمل من أن أتحمل مشاق العمل.. كان يجب أن أكون سيدة غنية، لا أهتم بأن أعمل شيئاً.. بل أكتفي بالجلوس، وإصدار الأوامر للخدم والأتباع".
لذلك فمن المؤكد أن "ناعسة" و "جميلة" لم تكونا تقومان إلا بقدر قليل من أعمال المنزل الكثيرة، وحتي ما تعملانه تؤديانه علي أسوأ صورة.
وكان من الغريب حقاً ألا تطردهما سيدتهما، ولو كانت تعلم حقيقتهما، ما تأخرت في طردهما. ولكنها، مع تأنيبها المستمر لهما، لم تكن تدرك قط أن فسادهما وصل إلي درجة ترك معظم عملهما ليقوم به شخص آخر. ذلك أن خادمتها الثالثة والصغري، هي التي كانت تشتغل طوال الوقت، وبفضلها كان المنزل نظيفاً مرتباً علي الدوام.
وكان اسم هذه الخادمة الثالثة "لبلبة"، وإن سماها الجميع "لبلبة الصغيرة" لما هي عليه من ضآلة حجم، ونحافة وشحوب، حتي لقد بدت كأنها أصغر من حقيقتها، ومع ذلك كانت تقوم بأغلب أعمال المنزل، إذ اعتادت أن تؤدي عمل زميلتيها، بالإضافة إلي نصيبها من العمل.
كانت تشتغل طوال النهار، من الفجر حتي منتصف الليل، دون أن تجد دقيقة واحدة تهتم فيها بنفسها، كانت تنظف أوعية المطبخ، وتكنس الأرض وتمسح الحجرات وتغسل الأواني والأطباق، وتطهو الطعام وتعد المائدة، وترتب الأثاث، وتحرص أن يبدو المنزل أنيقاً نظيفاً، وتسهر علي تلبية رغبات سيدها وسيدتها.
… الخ.
بماذا تقيّمه؟