0 نجمة - 0 صوت
سيد أحمد أمين
تصنيف الكتاب: كتب تطوير الذات
الناشر: دار تراث للنشر الإلكتروني
عدد الصفحات: 99
حجم الكتاب: 0.8 MB
مرات التحميل: 20594
قد يبحث البعض عن السعادة في المال، وقد ينبش عنها آخر في الشهرة أو السلطان، وقد ينقب عليها أحدهم في الثروة والجاه. ولكنها لا تكمن في جاه، أو سلطان، أو مال، أو أولاد، أو شهرة، أو غير ذلك مما يتغير ويتحول ويفني. فلقد رأينا وسمعنا عن ملوك وأمراء وسلاطين ورؤساء قد أُزيلوا من علي عروشهم من بعد النعيم والطعام الطيب والسمين. فكل نعمة في الدنيا زائلة وفانية ولا مستقر لها. فأين نجد السعادة وأين مكانها؟
لقد بحث عن السعادة الكثير من الناس، فمنهم من أخذت تعيش عيش البسطاء مع أنها من اغني الأغنياء، لأنها ما وُجدت السعادة في المال ولا العقارات، ولا السيارات، ولا الرحلات، فذهبت تلك المرأة وتزوجت من رجل شيوعي، فأخذت تطهي وتغسل وتنظف له حتي تشعر بالسعادة، فما شعرت، فتركته وتزوجت من رجل رأسمالي، فعاشت معه حياة المالوالأعمال والقيادة وغير ذلك، فما وجدت معه السعادة، ثم تزوجت من ثالث ورابع وقد تركت كل ذلك وكل ما تملك لأنها ما شعرت بالسعادة.
وهناك أخري بعدما بلغت من المجد والشهرة والثراء مبلغ حلم الكثير من الناس الفقراء، فلم تشعر بالسعادة، فما أغني عنها ذلك، وما أسعدها ما وصلت إليه رغم ذلك.
ولكن هؤلاء لو أمعنوا النظر وفكروا وبحثوا لوجدوا السعادة في جنب الله العظيم.
فلن تشعر بسعادة أبداً مهما حصلت من أسباب حتي تركن إلي ربك وتأنس به وحده، فبجواره الأنس والنعيم، ومعه اللذة والرضا، وتحت طاعته السعادة الأبدية في الأولي والآخرة.
فمن عاش في كنف الله وعبادته وجد السعادة. فما أحلي من معرفة الله وفعل ما أمر والوقوف عند ما نهي. فقلوب من عرفوا الله لا يعكرها نقص مال، ولا قلة عيال، ولا ثناء الناس، أو رفعة أو شهرة أو ما يسعد من جهلوا عن الله.
فهيا ابحث عن السعادة في المساجد، وفي محاريب الصلاة، وفي الصيام والزكاة والصدقات وفعل الخيرات. هيا ابحث عنها في بطون الجياع، وفي منازل أصحاب الديون والحاجات. هيا ابحث عنها بين الغارمين والثكالي والأرامل والمستشفيات. هيا ابحث عنها في الأخلاق الحميدة، وفي البر والمعاملة الحسنة الفريدة.
وقتها ستشعر بالسعادة والبشر والتفاؤل وعدم الحزن أو الكآبة. وقتها ستشعر أنك قد ملكت الدنيا كلها ولكن بدون ملك أو زعامة أو مال أو ثروات.
لا شك أن السلام النفسي يجعل المرء بين الناس من السعداء، حتي تكاد تراه وكأنه من ملوك الأرض، فهذا الذي صالح نفسه وجعلها ترضي وتبتسم للحياة ولا تنظر إلي ما عند الناس لمن أسعد الناس، فقد يغبطه الناس علي ما يشعر به، وما يظهر عليه من حمد لربه وعدم التدخل في حياة الآخرين.
وقد تجد هذا المرء وقد أنهكته الحياة وجعلته ينزف الكثير من الألم والعبرات ولكنه يظهر بين الناس من السعداء، فيفرح لفرح الناس ويحزن لحزنهم، ولا يعنيه من يستقل سيارة، أو من يشيد المنازل والقصور، أو من ينجب أو يزرع أو يصنع، فلا يعنيه سوي نفسه وبيته فقط.
هذا الكتاب تم نشره بإذن من: المؤلف
بماذا تقيّمه؟