0 نجمة - 0 صوت
هبة السواح
تصنيف الكتاب: قصص وروايات
عدد الصفحات: 279
حجم الكتاب: 5.2 MB
مرات التحميل: 36205
وقفت في شرفة منزلها العتيق تتأمل حديقة الشارع التي كانت يوما نظيفة ومبهجة قبل أن تدنسها حفاضات الأطفال المستعملة وبواقي طعام المتنزهين.
سمعت صوت "المهرجانات" المنبعث من إحدي سماعات الكوفي شوب المكتظ بالشباب والفتيات وحتي العائلات بأطفالهم، وقد سمر كل منهم عينيه علي شاشة جهاز الموبايل في يده في مشهد متكرر كل يوم.
أخذت نفساً عميقاً وتنهدت ثم قالت في نفسها "خليهم براحتهم طالما مبسوطين".
إلتفتت إلي مئات الرسائل علي مكتبها في فزع وقالت "طب مانتوا عندكم مشاكل أد كده أهو، مش مبسوطين ولا حاجة! ولا غاويين تخنقوني أنا في عيشتى؟".
ثلاثة أعوام منقطعة تماماً عن العمل، تركت السحر وتفرغت لدراسة أنماط البشر وأحوالهم ونفسياتهم وكيفية مساعدتهم. ثلاثة أعوام كاملة لم تقرأ رسالة واحدة من مشاكل الناس ولم تستخدم سحرها المعتاد في حل المشكلات! نسيت العصا والكلمة السحرية "بيبيدي بوبيدي بوو" وغاصت في أعماق النفس البشرية، لتفهم ما الذي يسعدها؟ ما الذي يجعلها تشعر بالنجاح؟ ما الذي يشبعها؟ ما الذي يحركها؟كيف يولد عندها الشغف؟ كيف ترقي عن مستوي الإحتياج الحيواني من أكل وشرب إلي مستوي آخر من الإشباع النفسي والرقي بالذات والمساهمة في تغيير المجتمع؟ وبعد الإنقطاع الطويل قررت فتح الرسائل القديمة، ولفت نظرها مجموعة رسائل في مظروف مميز بلونه الأحمر فبدأت بها، وكانت المفاجأة.
الرسالة الأولي: عزيزتي الساحرة، أنا عايزة أولاً أشكرك علي الفستان والحاجات الجميلة اللي عملتيهالي يوم الحفلة، أنا روحت واتبسطت جداً وعجبت الأمير واتجوزنا.. بس أنا دلوقتي متضايقة! كل حاجة في الأول كانت تحفة وتجنن بس من بعد شهر العسل وأنا حاسة إنه مش بيهتم بيا زي الأول. أنا بقعد لوحدي كتير جداً وزهقانة، وساعات بقعد أعيط مع نفسي، وهو السبب في الحالة النفسية اللي أنا فيها دي، قولي لي أعمل إيه؟ ممكن تعمليلي سحر يخليني مبسوطة؟
الرسالة الثانية: من غير مقدمات أنا تعييييسة.. جواز إيه وبتاع إيه ياريتني ما روحت الحفلة.. أنا وحيدة وماليش حتي أي صحاب، طول عمري ماليش صحاب غير الفيران والعصافير والكلب، ولما اتجوزت ومشيت من البيت مرات أبويا سممتهم كلهم! أنا وحيدة جداً، بكره نفسي وحياتي، وتخنت جداً كمان، وبقي عندي تضاريس ماشفهاش كولومبوس في خريطة قبل كده! حاسة إني ماليش أي لزمة وكل الأحلام اللي كانت عندي وأنا صغيرة انتحرت. مش عارفة أنا عاوزة إيه ولا عارفة أعمل إيه في عيشتي، ساعديني لو سمحتي!
الرسالة الثالثة: عزيزتي الساحرة شكلك مشغولة جداً عموماً أنا هطلب منك شوية طلبات بسيطة بكلمة منك وضربة بعصايتك هتخليني سعيدة: خليني أخلف عيال هاديين ومتربيين لوحدهم، خليني أخس من غير دايت، خليني أرجع حلوة ورقيقة وبسكويتة زي زمان، خلي الأمير يسيب كل اللي في إيده ويقعد معايا، خلي الطلب السابق يحصل بس من غير ما يقرفني ومن غير الفلوس ما تقل، خليني أبقي سعيدة، خليني أبقي سعيدة، خليني أبقي سعيدة.
"يا إلهي إيه كل النكد ده؟".. قالت بإستنكار "ده أنا مش مستحملة تلات رسايل منك، أومال جوزك عامل إيه بقي؟ خلينا نشوف إيه الحكاية دي".
بماذا تقيّمه؟