5 نجوم - 1 صوت
أسامة سيد
تصنيف الكتاب: كتب تطوير الذات
عدد الصفحات: 125
حجم الكتاب: 0.8 MB
مرات التحميل: 24425
الإنسان هو نقطة البداية لتحقيق ما نريده في الحياة من حضارة وأمة مستنيرة تعمر وتقود وتصنع التغيير، من هنا ننطلق نحو بناء الإنسان الإيجابي الخير، والإيجابية تشمل من المعاني الكثيرة بينما عكس الإيجابية السلبية وتعني: التشاؤم والإخفاق والكسل والجهل والضعف والتمركز حول الذات والرغبات فقط بجانب عدم السعي لأي هدف بل البحث عن الملذات فقط والشكوي من المجتمع والحظ السئ والقدر في معظم الوقت علي الظروف السيئة، الفرد السلبي كلماته، تفكيره، قناعاته، شعوره، وسلوكياته سيئة محبطة تشاؤمية تعبر عما بداخله من ألم وضيق وتعاسة.
بينما الإيجابية نقصد بها الخروج من قوقعة الذات والرغبة الحقيقية نحو الآخر وشعور المؤمن بالمسئولية الفردية نحو الإصلاح للفرد والمجتمع وتغيير واقعه وتحقيق غايته، وتتضمن الإيجابية التفكير والشعور وتوقع الخير والنظر إلي الجانب الجيد في الحياة والتوكل والوعي والمرونة والعطاء والشجاعة والصبر والبساطة وإتخاذ القرارات الحاسمة وصناعة الفرص بجانب التمسك بالقيم والمبادئ النافعة، فالإيجابي يصنع من حامض الليمون شراباً لذيذاً.
الفرد الإيجابي تفكيره، شعوره، أقواله، وأفعاله وفق بصيرة ووعي لديه القدرة علي تخطي الفشل والمحن والصعاب ليخرج من كل ذلك فائزاً محققاً الفوز لنفسه وللآخرين، لديه إيمان داخلي أنه يستطيع تغيير واقعه، يركز علي الحلول والبدائل لحل مشكلاته، صاحب عقلية نامية متطورة، يري دائماً في العمل أمل يتطلع لما هو ممكن ويصنع المستقبل، يقول ألبرت أينشتاين: الإيجابيون يرون حل لكل مشكلة بينما السلبيون يرون مشكلة في كل حل، يري أن ظروفه وقدراته ومهاراته قابلة للتحسن وتحت سيطرته، وكل ذلك ينعكس علي الفرد بطمأنينة الروح وتحقيق الذات والسعادة.
الإيجابية لها اعتماد لغوي، قال صلي الله عليه وسلم: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليفعل"، بمعني الهمة نحو المسارعة في العمل مهما كانت التحديات والظروف الموجودة، وإستثمار الواقع.
ومن هنا ننطلق أن ما نحمله بداخلنا من صفات وقناعات إيجابية أو سلبية ينعكس علينا في الخارج لذلك نحتاج إلي زرع وغرس صفات ومعاني ومفاهيم الإيجابية في داخلنا لتنعكس علي شخصيتنا وواقعنا وهنا إشارة قرآنية "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ" بمعني أن الله لا يغير ما بداخل أنفسنا من إنحراف وشقاء وخلل إلي سعادة وطمأنينة وسلام إلا إذا غيرنا ما بداخل أنفسنا من قناعات وتصورات ومفاهيم وأفكار ومشاعر ورغبات خاطئة، فالتغيير الحقيقي للشخصية يبدأ من الداخل، يقول الحكيم العربي: لا يوجد قيود في العالم الخارجي القيود دائما تجدها في الداخل، فالزاوية الوحيدة التي يمكنك تغييرها في الكون هي أنت، "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ" بمعني أن الإنسان يمتلك الوعي والإدراك بنفسه بجانب السلطة عليها ومن هنا يسعي لتغيير نفسه من خلال فهم وبصيرة.
في يوم من الأيام سأل تلميذ حكيم وقال له: لماذا يشعر الجميع هنا بالسعادة والبهجة إلا أنا؟ قال له الحكيم: لأنهم تعلموا كيف يرون الخير والجمال في كل شئ، قال التلميذ: ولما لا أري الخير والجمال في كل شئ؟ قال الحكيم: يا بني إن الشئ الذي تعجز عن رؤيته بداخل نفسك تعجز عن رؤيته خارجها، ما نعجز عن رؤيته بداخل أنفسنا ما هو إلا نتيجة للطريقة التي قررنا أن نتعامل بها مع الأشياء والآخرين والحياة في هذا العالم، لذلك أشار سقراط من آلاف السنين ويقول: نحن لا نري الأشياء كما هي بل نراها كما نحن، نري الحياة والناس من خلال أنفسنا وما نحمله في داخلنا، لذلك هدف وهمي أن نسعي في تغيير العالم من حولنا ونترك الفوضي والعشوائية بداخل أنفسنا، لنتوقف عن ضياع الطاقة والوقت والجهد في محاولة تغيير الآخر، لأننا لدينا القدرة فقط للعمل علي تغيير وتطوير أنفسنا.
هذا الكتاب تم نشره بإذن من: المؤلف
بماذا تقيّمه؟