0 نجمة - 0 صوت
الشريف أسامة بن محمد
تصنيف الكتاب: كتب التاريخ
عدد الصفحات: 529
حجم الكتاب: 8.8 MB
مرات التحميل: 4966
مكة وشعابها كتاب يسرد تاريخ مكة المكرمة ونشأتها منذ بدء الخليقة والتعريف بآثارها ومعالمها وحدودها وجبالها وأوديتها وحاراتها وأهلها والحياة العلمية والإجتماعية وعمارة المسجد الحرام.
لقد كان ومازال الناس شغوفون بالحديث عن مكة المكرمة ومعرفة شعابها وأوديتها وجبالها وأهلها. وكل من أراد الحديث عن مكة المكرمة، فلا بد من أن يتطرق إلي تاريخها، فهي أقدم المدن وأعرقها علي الإطلاق، وسوف نفصل ذلك من القرآن الكريم والسنة المطهرة، واكتشافات العلم الحديث.
مكة المكرمة هي خير أرض الله وأحب أرض الله إلي الله فقد ورد في سنن الترمذي عن عبد الله بن عدي ابن حمراء الزهري قال رأيت رسول الله (ص) واقفاً علي الحزورة (فقال والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت).
وما خلق الله سبحانه وتعالي الجن والإنس إلا لعبادته، وخلق الله تعالي الأرض ليكون عليها الجن والإنس، كما في قوله تعالي: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56)، وفي قوله تعالي: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة : 30). وبمكة المكرمة أول بيت وضعه الله للناس، وجعله مباركاً، قال تعالي: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران : 96).
وسوف ابدأ الحديث عن نشأة الكون والأرض، لأوضح نشأة مكة المكرمة وموقعها الجغرافي المتميز.
لقد ذكر الله سبحانه وتعالي نشأة الكون في سورة الأنبياء بقوله تعالي: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) (الأنبياء : 30). وجاء في تفسير ابن كثير أن الجميع كان متصلاً بعضه ببعض متلاصقاً، متراكماً بعضه فوق بعض، في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه، فجعل السماوات سبعاً، والأرض سبعاً، وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض. ولهذا قال تعال: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء : 30). وقال تعالي: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت : 11). وجاء في تفسير ابن كثير: (ثم استوي) قصد، (إلي السماء وهي دخان) بخار مرتفع، (فقال لها وللأرض ائتيا) إلي مرادي منكما، (طوعاً أو كرهاً) في موضع الحال؛ أي طائعتين أو مكرهتين، (قالتا أتينا) بمن فينا (طائعين)، فيه تغليب المذكر العاقل، أو نزلتا لخطابهما منزلته.
وقد أشارت الآيتان الكريمتان إلي أن الكون كان جرماً، ثم أمر الله تعالي بفتق هذا الجرم الإبتدائي، فانفتق وتحول إلي دخان، وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلاً من الأرض والسماء. وحين نقول السماء، نعني جميع ما بها من مجرات ونجوم وكواكب.
ولاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها، وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلي تلك الحقيقة في قوله تعالي: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذاريات : 47).
بماذا تقيّمه؟