إنسان جديد - رحلة إلى ما وراء القمة

لا أستطيع أن أعدك بأنك ستصبح إنساناً عظيماً بعد قراءة هذا الكتاب.. فهذا الأمر يعود لك، ويتوقف عليك أنت وحدك.. ولكن ما أعدك به هو أنك ستقرأ هنا بعضاً مما لم يكتبه أحد من قبل؛ وبعضاً من العرض الجديد في مغزى الأسلوب، ونوعية السياق، وربما أكثر.. إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وطريق الحرية يبدأ بصرخة تُشعل المعركة، وطريق العظمة يبدأ بتساؤل يُطلق شرارة التغيير.. ومعظم النار من مستصغر الشرر.. ونار العظمة بداخلنا تشعلها شرارة التغيير، تنطلق من ركن صغير داخل أرواحنا، لم ينقطع بعد فيه همسُ الضمير..

إن تطوير الذات فنٌ وعلم في نفس الوقت، والتغيير الشخصي الناجح ليس أمراً عصياً، ولكن ابتلاع بضع كبسولات سريعة التحضير من تنمية الذات لن يسمن ولن يغني من تطوير. وفي هذا الكتاب سنسبر سوياً أعماق التطوير والتغيير الحقيقي لذاتنا والذي يمس جوهر الروح الإنسانية دون أن يتجاهل الحقائق والواقع في هذا العالم القاسي الذي نعيشه اليوم. فالإنسان الجديد ليس إلا أنا وأنت، بعد أن يحظى كلٌ منا بقلبٍ جديد وعقلٍ جديد.. ينصت بهما لما تقوله الروح، ويعقل بهما ما تعرضه المادة، ويجمع بين هذا وذاك تحت مجهر المعرفة والبحث عن الحقيقة، حتى يصل يوماً لأن يصبح واحداً من العظماء..

التغيير.. التغيير.. التغيير.. سيول لا تكاد تنقطع من الكلام عن التغيير في مجتمعاتنا، الكل يريد التغيير ويصيح مطالباً به، ولكننا نسمع جعجعة ولا نري طحيناً.. وإن رأيناه فأغلبه يكاد لا يسمن ولا يغني من جوع إلا قليلاً.

وقلة فقط ارتقت بضع درجات، فأشغلت نفسها بالتغيير في الماهية والكيفية التي يتحقق بها؛ ولكنها للأسف ما برحت تغرق في التنظير المثالي المستورد، تارة من الشرق، وتارة من الغرب، وطوراً آخر من الماضي.. ثم تغرقنا معها في التفاصيل، وتفاصيل التفاصيل..

ثم يسود الظن أنه قد أدي الواجب بمثل تلك الصور البراقة التي تُرسم في الهواء، والعويل الذي يملأ الأجواء؛ فيخلد كلٌ مستلقياً، راكناً إلي الدعة والراحة بعد أن أنهكه طول الصياح.. وغاب إدراك الواقع، وغابت الحقيقة، وغاب معها كل تفكير مبدع يبحث عن التجديد والتطوير.

وفي خضم كل هذا.. فإن الإجابة علي لغز التغيير رغم بساطتها ووضوحها؛ تبقي غائبة عن الأذهان.. إن تغيير الأفراد لذواتهم نحو الأفضل، هو الصخرة وحجر الأساس الذي نحتاج البناء عليه للإنطلاق نحو إحداث التغيير الحقيقي في المجتمع.

فأي مجتمع ما هو إلا محصلة لتفاعل أفكار أفراده وأفعالهم.. وكلما كان أداء الفرد أفضل، وفكره أقوم وأصوب، كلما ازدادت جودة ونوعية الحياة في هذا المجتمع تحسناً.

يقول الكاتب الأمريكي هنري ميلر: "الأمة التي تُقَزِّم رجالها لكي يصبحوا أدوات طيعة أكثر في يديها، حتي ولو كان ذلك من أجل أهداف مفيدة، سوف تجد أنه لا يمكن إنجاز شئ عظيم برجال صغار".