0 نجمة - 0 صوت
د/ م يوسف الإبراهيم
تصنيف الكتاب: كتب علمية
عدد الصفحات: 5
حجم الكتاب: 0.6 MB
مرات التحميل: 4437
الإحتباس الحراري هو ارتفاع في المعدلات الحرارية عالمياً يؤدي إلي التغيرات المناخية والبيئية التي نشهدها في أيامنا هذه. وقد تسارعت هذه المعدلات الحرارية في الإرتفاع منذ بداية الثورة الصناعية. ولنتمكن من فهم الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلي هذا الإرتفاع الحراري يجب علينا أن نعلم أن المحيط الذي نحيا فيه والمكون من الغازات مثل النيتروجين والأكسجين وثاني أوكسيد الكربون بالإضافة إلي بخار الماء يملك تأثيراً حاسماً علي حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية. وتقوم بعض تلك الغازات مثل ثاني أوكسيد الكربون والميثان بإمتصاص الحرارة، مخفضة بذلك كمية الحرارة التي يمكنها الإنطلاق إلي الفضاء خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية.
وكلما امتص الغلاف الجوي الطاقة الحرارية كلما ارتفعت حرارة المحيطات وسطح الكرة الأرضية بشكل عام، ويسمي ذلك بفاعلية البيوت الخضراء الذي بدونه يصبح متوسط حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية أقل بثلاثين درجة مئوية، مما يجعل الحياة غير ممكنة عليها. فإمتصاص الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للحرارة المنبعثة كناتج لإحتراق أية مادة علي سطح الأرض وفي الغلاف الجوي يؤدي إلي ارتفاع في المعدلات الحرارية. وقد تراكم غاز ثاني أوكسيد الكربون في كوكب الزهرة علي سبيل المثال إلي حد أدي إلي ارتفاع في الحرارة لا يمكن العيش في وسطها لأي من الكائنات.
وقد تعاظمت وتسارعت الكوارث الناجمة عن الظروف المناخية والبيئية حول العالم، ففي نفس الوقت الذي بدأت فيه الأنهار والجبال الجليدية تذوب في القطبين ومناطق أخري، تنتشر وتوسع مناطقها الأمراض المعدية مثل فيروس غرب النيل والملاريا والإيدز وجنون البقر وحمي الطيور وغيرها. فهل لهذه الظواهر علاقة بالتغيرات المناخية؟ وهل نساهم نحن البشر في صناعة هذه الأحداث؟ وما هو دورنا في تسريع التقلبات المناخية؟ وماذا نستطيع فعله لوقف الكوارث المستقبلية القادمة؟
ففي الوقت الذي لا يستطيع فيه أحداً القول بأن عاصفة محددة سببها الإحتباس الحراري العالمي، فإن هناك علاقة واضحة بين الحدثين، وتشكل الحرارة في الغلاف الجوي وقوداً لأحوال جوية عاصفة، وتؤكد دراسات الأرصاد الجوي أن الإرتفاع الحراري سوف يؤدي إلي تعاظم حدة وتكرار العواصف الشديدة، وخصوصاً تلك العواصف الرعدية العنيفة التي تحدث في بعض أنحاء الكرة الأرضية. ويقوم الإرتفاع الحراري في المحيطات الإستوائية بتغذية الأعاصير والزوابع الشديدة، وكلما ارتفعت حرارة المحيطات كلما اشتدت وتكررت تلك الأعاصير والزوابع المدمرة. وبالإضافة إلي أن هناك عدداً كبيراً من العوامل المساهمة في نشوء الأعاصير بظروفها الغامضة فإن تكرارها سوف يتزايد نتيجة للإرتفاع الحراري العالمي، علماً بأن ارتفاع منسوب البحار الناجم حصراً عن الإحتباس الحراري العالمي سوف يفاقم مشاكل الغمر الساحلي الذي يشكل الضرر الأعظم من تأثيرات هذه الأعاصير.
ويأتي غاز البيوت الخضراء من مختلف العمليات الحياتية الطبيعية. فعلي سبيل المثال تقوم النباتات بتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلي أكسجين، مرجعة بذلك عمليات التنفس التي تسمح للإنسان والحيوان باستنشاق الأكسجين وإطلاق زفير (ثاني أكسيد الكربون). وعلي نحو مماثل فإن التعفنات التي تحدث لأسمدة الماشية والخث (تفحم المواد النباتية) تطلق غاز الميثان. وتنتج مختلف النشاطات البشرية أيضاً غازات البيوت الخضراء. فمثلا ينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون عندما نحرق أي من الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم وما شابهه) لإنتاج الطاقة الكهربائية أو عندما نحرق البنزين والمازوت في سياراتنا أو عندما نشغل المواقد بأنواعها لطهي طعامنا. وينطلق غاز الميثان من المواد الموجودة في التربة. وقد عاظمت هذه النشاطات كميات مختلف الغازات في الغلاف الجوي. وقد أصبح تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكرة الأرضية حالياً أعلي بحوالي 32 % مما كان عليه قبل بداية الثورة الصناعية حوالي عام 1750، وأعلي من أي وقت مضي منذ أربعمائة ألف عام، وفقاً للمعطيات العالمية.
بماذا تقيّمه؟