0 نجمة - 0 صوت
جين شارب ترجمة خالد دار عمر
تصنيف الكتاب: كتب السياسة
الناشر: مؤسسة ألبرت أينشتاين
عدد الصفحات: 70
حجم الكتاب: 0.4 MB
مرات التحميل: 5175
كيف تستطيع الشعوب منع والقضاء علي الأنظمة الدكتاتورية؟ شكلت هذه القضية جزءاً من اهتماماتي الرئيسية لسنوات عدة، حيث نبع هذا الإهتمام من إيماني بأنه لا يجب للبشرية أن تخضع وتسحق بواسطة مثل هذه الأنظمة. وجاءت قراءاتي حول أهمية الحرية الإنسانية وطبيعة الأنظمة الديكتاتورية خاصة قراءاتي لأرسطو والتحاليل التي كتبت حول النظام الإستبدادي بالإضافة إلي تاريخ الأنظمة الدكتاتورية خاصة نظام الحكم النازي وحكم ستالين لتعزيز هذا الإيمان.
تعرفت خلال السنوات علي أناس عانوا تحت الحكم النازي، حتي أن بعضهم نجوا من معسكرات الإعتقال النازية، ففي النرويج مثلاً إلتقيت بأشخاص قاوموا الحكم الفاشي ونجوا منه ولكنهم سمعوا عن أشخاص لم يحالفهم الحظ وقضوا أثناء مقاومتهم للنازية، تحدثت أيضاً مع يهود نجوا من براثن النازية ومع أشخاص ساعدوهم علي النجاة.
جاءت معرفتي عن الإرهاب الذي مارسته الأنظمة الشيوعية في عدة بلدان من الكتب أكثر منها من الإتصالات الشخصية، حيث تركت هذه الممارسات أثراً لاذعاً في نفسي لأن هذه الأنظمة كانت تفرض نفسها بإسم التحرر من الإضطهاد والإستغلال.
أصبحت حقائق الأنظمة الدكتاتورية أكثر واقعية وذلك من خلال زيارة أشخاص في العقود الأخيرة الماضية من بلدان تحكمها أنظمة ديكتاتورية مثل بنما وبولندا وتشيلي والتبت وبورما. الأشخاص الذين حاربوا العدوان الشيوعي الصيني في التبت والروس الذين هزموا الإنقلاب المتشدد الذي حصل في آب 1991م والتايلنديون الذين منعوا العودة إلي الحكم العسكري بإستخدام النضال اللا عنيف، هذه الحقائق تركت وقعاً مزعجاً في نفسي عن الطبيعة الماكرة لهذه الأنظمة الدكتاتورية.
الشعور بالرثاء والغضب ضد الممارسات الوحشية، والشعور بالإعجاب برزانة بطولة الرجال والنساء شجعتها أحياناً زيارات إلي أماكن كانت المخاطرة الكبيرة لا تزال تحدق بها، لكن شجاعة التحدي من قبل الأشخاص استمرت، تمثلت هذه الأماكن ببلدان مثل بنما ونيجيريا ومدينة فيلنيس في ليتوانيا التي عانت من القمع السوفييتى المستمر وساحة تيانامن في بكين خلال التظاهرات الإحتفالية بالحرية حيث دخلت أول ناقلات الجنود المدرعة في تلك الليلة المصيرية، ومراكز قيادة المعارضة الديمقراطية في غابات مانربلو في بورما الحرة.
قمت أحياناً بزيارة مواقع الذين سقطوا مثل برج التليفزيون ومقبرة فيلنيس في ليتوانيا والحديقة العامة في ريغا في لاتفيا، ومراكز فراري في شمال إيطاليا، والمقبرة المتواضعة في مانربلو.
من هنا ومن منطلق اهتماماتي وخبراتي نشأ لدي أمل راسخ بأن هناك سبيل لمنع الظلم، وأن هناك سبيل للنضال ضد الأنظمة الديكتاتورية بنجاح دون اللجوء إلي الذبح المتبادل، وأنه يمكن القضاء علي الأنظمة الدكتاتورية ومنع نشوء دكتاتوريات جديدة من النهوض من جديد.
حاولت أن أفكر ملياً وبحذر خلال العديد من السنوات في أكثر السبل نجاعة في تفكيك الأنظمة الدكتاتورية بأقل الخسائر في المعاناة والأرواح، وعليه قمت بعمل دراسات للأنظمة الدكتاتورية وحركات المقاومة والثورات والفكر السياسي وأنظمة الحكم، وخاصة النضال اللاعنيف الواقعي.
بماذا تقيّمه؟