نون النضال

ككل بنات هذا النمط من الادب تبحث "القصص القصيرة جدا" عن المدهش والاستثنائى فى الحياة ولكن سعيد اسماعيل ركز على وجه محدد من اوجه المقاومة الانسانية للضعف والخذلان ، كما للتماهى مع الظلم.

هذا الكتاب نوع من عمل مضاد لكل مظاهر التعسف. إنه صرخة تحد من أجل الحرية والإنعتاق من أغلال القهر.

لن يتكلف القارئ وقتاً طويلاً لمطالعة هذا الكتاب، ولكنه سرعان ما سوف يكتشف، أنه مر من خلاله بزمن ما يزال يلقي بظلاله المعتمة علي ملايين المقهورين في مسيرة وكأنها تمتد إلي آلاف السنوات.

العنوان نفسه أراد أن يقترح نوناً أخري، غير نون النسوة!

هي وهو.. ھو: أريد أن أتذوق طعم الحرية، أتساعدينني علی ذلک. ھي: الحرية؟! ھو: نعم الحرية. ھي: ال أعرف ھذا الکائن! ھو: ليس کائنا بل ھو شعور، يشعر المرء أنه إنسان. ھي: لم أشعر به قط، أتساعدني للحصول عليه؟ ھو: فلنتساعد. ھذا آخر ما سمعته عنهما…

لا منتمي.. أراد أن يتحرر من كل شئ، المادة، الغضب، الإنتماءات، المناصب الشهرة، الشهوة.
لم تطق نفسه الأمر فتحررت منه!

إنسان.. يعمل سجاناً أكثر من عقد من الزمن، منذ أول أيام عمله تعرف علي سجين. بعد فترة بدأ كل يوم يدخل زنزانة هذا السجين الإنفرادية لحظات ثم يخرج، انتبه لعمله سجان آخر فسأله عن سبب تصرفه، أجابه: كل يوم ادخل زنزانته الإنفرادية لأستنشق طعم الحرية..

تموضع.. يكتبون الشعارات علي الجدران، فتمحي الشعارات ويبقي الجدار، اكتبوها في ساحة العقول والضمائر.. لتبقي.

جدب وخصب.. انتفض مع المنتفضين، رفع الشعارات معهم، هتف بأعلي صوته، نادي بحقوقه والحرية، أتت القوات لتفرقهم بكل وحشية، حاولوا صدها بصمودهم، لكن دون جدوي، هرب المنتفضون بحياتهم، هرع إلي شارع صغير لينجو بنفسه من رجال الأمن، دخل زقاقاً مغلقاً، طرق الأبواب ليدخل، امرأة فتحت الباب
قال: دعيني ادخل رجال الأمن يلاحقونني،
أجابته: لا أستطيع ذلك، زوجي ليس في البيت.
أجاب بسرعة: أنا مثل ابنك دعيني ادخل،
قالت له وبلحن يشوبه اليأس: ليس لي أبناء،
ثم سدت الباب بوجهه، بقي مندهشاً من الموقف، متسمراً في مكانه أمام الباب حتي أتي صوت من خلفه: أتكون مثل أخي الذي أُعدِمَ..