5 نجوم - 1 صوت
علي رضا
تصنيف الكتاب: كتب اللغة العربية
عدد الصفحات: 230
حجم الكتاب: 4.8 MB
مرات التحميل: 11702
كل ما أريد أن أقوله هنا في هذ المقدمة هو أنك لن تجد أية مصاعب في هذه المادة، لو أنك أصغيت إلي نصحنا، وأدمنت المطالعة، فهي المعلم الأول في الإنشاء، وهي وحدها تجعلك لا تجد أية عقبة عند معالجة أي موضوع يطرح عليك.
لا شك أن هناك أساليب وطرقاً ومسالك لمعالجة الموضوعات، وعلي الرغم من ذلك كله فإن العامل الرئيسي في كل ذلك هو المطالعة العميقة الواعية، مستعيناً بالذوق المرهف والتفكير السليم، فإذا استطعت أن تتسلح بهما ضمنت لنفسك النجاح في هذه المادة العصية.
وكل ما أريد أن أضيفه إلي ما سبق هو أن أقول: اكتب الموضوع مستوحياً مشاعرك وأفكارك وخيالك، واستعمل لذلك الألفاظ الضرورية والتعابير الملائمة، مع اهتمام بالغ بفكرة الموضوع.
وإذا عكفت علي معالجة موضوع ما، فكن واضح الفكرة، طبيعياً، لا أثر للصنعة في كتابتك، فكما يستكره من المرأة الجميلة أن تضع علي وجهها طبقة سميكة من الأصباغ وأن تشوه وجهها بما تطبع عليه من مختلف الألوان، كذلك يستكره في الإنشاء ما يستكره في ذلك الوجه الجميل. فلا تحاول أبداً أن ترقّع موضوعك بأساليب سواك من الكتاب، بل اكتب كما يحلو لك، شريطة أن تكون الكتابة صحيحة، والأفكار متسلسلة منسجمة، والأسلوب شيقاً أخاذاً لا تكلف فيه.
عندما يطرح أي موضوع إنشائي علي المنشئين، يدب فيهم شئ من الاضطراب يظر أثره قوياً في بعضهم وضئيلاً في بعضهم الآخر، ويقيني أن المنشئ لو كانت لديه الذخيرة الكافية من الثقافة التي يحصل عليها عن طريق المطالعة لما اضطرب أبداً.
وقبل معالجة أي موضوع إنشائي ينبغي أن يقرأ المنشئ السؤال مرة أو أكثر حتي يشعر أنه يعيش في جوه، وأنه يدرك تماماً أغراضه ومراميه، وأن الموضوع قد أصبح واضحاً في الذهن لا غموض فيه ولا إيهام.
فإذا تم له ذلك، وجب أن يفكر في الموضوع لمعرفة عناصره الرئيسية، فلكل موضوع عناصر رئيسية من المستحسن أن تبين، فإذا تم له ذلك تناول هذه العناصر واحداً بعد الآخر.
فلو طلب إلي أحدهم أن يكتب موضوعاً في وصف الحديقة إبان الخريف، فعليه بعد فهم السؤال جيداً أن يفكر أولاً فيما كانت عليه الحديقة قبيل حلول الخريف، حين كانت مورقة الأشجار وارفة الظلال فوّاحة الأزهار، دون أن يكثر، بل يكتفي بمقدار يسير كتمهيد للإنتقال إلي الخريف وعواصفه وأمطاره ورعوده والحالة التي آلت إليها الحديقة من تساقط الأوراق، وذبول الأزهار، ومغادرة الأطيار، ثم ينتهي الموضوع بعد كل هذا التصوير بوصف مشاعر الحزن والكآبة التي ترين علي المرء، إذ يري ما حلَّ بالحديقة حين مرّ بها الخريف.
ومن المفيد أن يعتمد في هذا كله علي مخطط إن سمح له الوقت بذلك، ففي ذلك خير وفائدة، فقراءة الموضوع أولاً، ثم التفكير فيه ثم وضع مخططه.
بماذا تقيّمه؟