0 نجمة - 0 صوت
توماس كون ترجمة شوقي جلال
تصنيف الكتاب: كتب علمية
عدد الصفحات: 323
حجم الكتاب: 0.8 MB
مرات التحميل: 2417
القرن العشرون الذى يوشك ان يأفل هو بمعنى من المعانى الوجه المقابل للقرن التاسع عشر ، على نحو يأذن بعالم جديد تماما فى فكر وفلسفة انسان القرن الحادى والعشرين. كان القرن التاسع عشر قرن العقل واليقين؟ أما القرن العشرون فهو قرن الشك والاحتمال. وكان القرن التاسع عشر قرن الايمان بالنظريات والمذاهب. بل وواحدية النظرية او المذهب. أما القرن العشرون فهو قرن التمرد والثورة التعددية. وكان القرن التاسع عشر قرن الثقة والاستقرار وانتصار الانسان؟ أما القرن العشرون فهو قرن الازمات والصدمات. وكان القرن التاسع عشر قرن الذات-الجوهر الفاعلة المتعالية علي السياق والتاريخ؛ أما القرن العشرون فهو قرن الذات-الموضوع رهن السياق ووليد التاريخ. بدا القرن التاسع عشر تتويجاً لفكر التنوير، عصر العقل وتأكيد الذات واستقلال الأنا عن الموضوع؟ وهو ما لخصه شعار فلسفة ديكارت، أنا أفكر لينطلق من الأنا الديكارتي والإيمان بالوجود. ومن ثم كان القرن التاسع عشر قرن استقلال الفكر والعقل والثقافة والحقيقة. أما القرن العشرون فهو قرن تاريخ وسوسيولوجية الفكر والعقل والثقافة والحقيقة؟ إنه قرن البنية التي تشكل فيها الذات والموضوع نسيجاً واحداً في بعدي التاريخ والمجتمع.
وأهل القرن العشرون بأزمة عصفت بكل دعائم الثقة، وبكل أركان اليقين، وبكل مبررات استقلال الذات أو الموضوع. وثار العقل علي نفسه في سياق من الأحداث الإجتماعية المأساوية وبقوة دفع التطورات والإنجازات العلمية الطبيعية منها والإنسانية. وتغيرت مقومات افكر بل وأسس الثقافة ذاتها.
وفي ضوء الثورة الكاسحة التي شملت الفيزياء الكلاسيكية وامـتـدت إلى علوم طبيعية أخرى وانعكست على الفكر الفلسفي والعلوم الاجتماعية بات مشروعا أن يسأل عالم مثـل هـيـزنـبـرج: مـا هـو مـحـتـوى الحـقـيـقـة أو الصدق للفيزياء الكلاسيكية أو الحديثة؟ لقد غيرت النظرية النسبية صورة الكون بعد أن غيرت مفهوم الزمان والخصائص الهندسية للمكان. وأثبتت النظرية النسبية أن أساس العلوم المضبوطة الذي كان يعتبر أمـرا بـديـهـيـا يمكن أن يتغير بعد أن أحاطت الشكوك بجوهر الفيزياء الكلاسيكية. لقد انتفى الاعتقاد بأن مسار الحدث موضوعي ومستقل عن المشاهد.
ولوحظ كما يقول هيزنبرج أن النظريات الحديثة لم تأت وليدة أفكار ثورية أضيفت من خارج العلوم المضبوطة. بل علي العكس لقد شقت طريقها عنوة في البحوث التي كانت تحاول في دأب إنجاز برنامج الفيزياء الكلاسيكية. أي أن هذه النظريات نبعت من داخل طبيعتها هي. ومن ثم برز السؤال كيف حدث ويحدث التحول الثوري من الداخل؟ وكيف يتطور العلم في التاريخ؟ أو ما هي الدينامية الباطنية لحركة العلم في التاريخ؟ وما معني فهم العالم أو الطبيعة ومعني الحقيقة العلمية؟ وماذا عن العلوم لو نظرنا إليها تاريخياً؟ والعلاقة بين المعرفة العلمية والثقافة. ما معايير العلم وكيف نمايز بين العلم اللاعلم؟ كيف نشأت المعرفة العلمية وما وظيفتها في المجتمع وحركتها في التاريخ؟
بماذا تقيّمه؟