الاضطرابات النفسية والعقلية عند الاطفال

بسم الله القائل في محكم كتابه: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)" صدق الله العظيم.

هذا الكتاب يعتبر إسهاماً متواضعاً في شرح ما يعاني منه أطفالنا من أمراض نفسية واجتماعية واضطرابات سلوكية واستعدادات للإصابة بالأمراض، علي ضوء خبرتنا ومعارفنا في هذا الحقل الذي هو في أمس الحاجة للبحث والتفكير والكتابة، وخاصة إننا نعيش في عصر كما تقول د/ راوية محمود دسوقي: ينفرد بأوضاع وأحداث مثيرة حيث أن التغيرات الإجتماعية والإقتصادية والتغيرات في القيم ما نطوي عليه هذا العصر من مكاسب واختراعات وتكنولوجيا حديثة إلا أنه يعج بالأحداث المثيرة للقلق والإضطراب النفسي مما يشعر الفرد بتهديد أمنه النفسي والجسمي والمادي والإجتماعي.

وسيجد القارئ الكريم أن الأساس الذي أسند عليه في فهم الأمراض النفسية والإضطرابات السلوكية عند الطفل سلوك الطفل ومعاناته النفسية، وهذا من الأهمية بمكان فهمه والتركيز عليه، كونه من الصعب جداً الحكم أو التشخيص لهذه الحالة أو تلك بدون معرفة سلوك الطفل وتحليله.

وكما نعلم فالصحة النفسية تعني التوافق والتكيف والقدرة علي التغلب علي المشكلات والأزمات، ولابد من التركيز علي أن الطفل بالذات ليس شئ مجرد وإنما هو نتاج معطيات وحاصل محصل لواقع وراثي وبيئي واجتماعي وتربوي وممارسات ذاتية واكتساب خبرات ومهارات وحاصل محصل لمعاناة وإحباطات وحرمان بأشكاله المختلفة وضغوطات وعدم إنصاف وسوء معاملة وتكيف وإجحاف في حقه وتجاهل لذاته وخصوصيته وإنكار لرغباته وغرائزه وحاجاته ومجابهته بالعنف والقسوة والإرهاب والضغط في أكثر الأحيان. وإذا كان الرضيع أو الطفل يتعرض لمثل هذه الضغوطات المختلفة أو لبعض منها فإنه ولا شك سوف ينتج عنه تعرضه لأمراض نفسية واضرابات سلوكية. هكذا نري أن الأمن النفسي هو أحد الحاجات المهمة للشخصية الإنسانية حيث تمتد جذوره إلي طفولة المرء والأم هي أول مصدر لشعور الطفل بالأمن، فحاجة الإنسان للأمن النفسي تأتي بعد حاجاته الفطرية الأولية التي تعينه علي البقاء. ويؤكد علماء النفس ومنهم (إيركسون) علي أن أية ظاهرة نفسية يجب أن تفهم من خلال التأثير المتبادل للعوامل البيولوجية والسلوكية والخبرة الإجتماعية. لذلك فإن التركيز علي جمع معلومات شاملة ودقيقة حول الطفل ونشأته ونموه إن تيسر ذلك سيساعده حكماً في فهم حالة الطفل المرضية وسيكون من الأيسر علاجها علي وضوح نظري وعملي ولتصور شمولي.

والكتاب يعتبر بنظرنا مرجعاً مهماً ليس فقط للأطباء المتخصصين في علاج الأمراض النفسية والإضطرابات السلوكية عند الأطفال، بل هو مهم كذلك للمحللين النفسيين والإجتماعيين والمربين والأساتذة في مدارس المرحلة الإبتدائية وكذا الحضانة وهو في نفس الوقت ذا أهمية لكل أم وأب وأسرة، بل لكل من يريد أن يتعرف علي أمراض الطفل النفسية واضطراباته السلوكية، وفي الحقيقة إنها محاولة متواضعة من قبلنا نضعها بين يدي القارئ العربي لكي تساعد وتسهم في فهم ومعرفة مشاكل أطفالنا جيل المستقبل.