5 نجوم - 1 صوت
أحمد قبش
تصنيف الكتاب: كتب اللغة العربية
عدد الصفحات: 132
حجم الكتاب: 2.7 MB
مرات التحميل: 17033
لقد انتشرت عادة التيسير في كل مجال وتجاوزت كل حد، واصبحنا نري العلماء يعقدون المؤتمرات ويقيمون الندوات لتسهيل الإملاء وتطوير النحو أو تيسير العربية علي الناشئين، تماماً كما يتنادي زملاؤهم ويتكاتفون لتطوير وسائل النقل وأدوات الرفاه وأسلحة الدمار. فريق ينافس في الوصول إلي القمر والمريخ وفريق ينافس ليحشو حقائق العلم أو قواعد العربية في مشروب يتناوله المتعلم بسهولة ورفق ليكون بعدها ناطقاً لسناً أو أدبياً فذاً.
ومضت علي تلك الدعوات والمحاولات قرون وقرون، سنوات وسنوات، وهي ماتزال تتجدد بين الحين والحين بأزياء مغرية جذابة وأسماء ذات بريق أخاذ حتي لفتت هذه الحالة نظر الكثيرين، فكان من العلماء من شارك فيها وأسهم وكان منهم من عارض وانتقد وتلك سنة الخلق منذ وجد الخلق، إنها قصة صراع القديم مع الجديد.
وكنت ممن لفتت هذه الدعوات نظرهم، فعكفت علي كتب النحو والاملاء فدرستها وتتبعت ما قيل فيها ووضعت هذا الكتاب الذي كان ثمرة دراسة عميقة وتتبع دائب للعديد من كتب النحو والاملاء حتي أخرجته بهذا الثوب الجديد.
يتصف هذا الكتاب في طبعته الثانية بسهولة في كل شئ. سهولة في طريقة عرض القواعد الإملائية وترتيبها وفي اللوحات التي حشدتفيها مفردات من كل قاعدة. وعمق في استقصاء جميع القواعد والوقوف عند كل قاعدة، وقوف الباحث المتعمق بحيث لا يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها وفناها وفصل الحديث عنها.
والله اسأل أن أكون قد وفقت إلي عرض قواعد الاملاء علي الشكل الملائم لشعور المثقفين والعلماء شعور البساطة والعمق، بساطة في العرض وعمق في المادة.
وفي الكتاب أربع عشر لوحة، وفي كل لوحة مفردات تتطابق مع القاعدة المعروضة وفيه أيضاً ثلاثة عشر تمريناً وفي كل تمرين مواضيع مختلفة تتلاءم بعض مفرداته مع القواعد الإملائية التي ألحقت بها تلك التمارين.
كان التدوين كثيراً في البلاد العربية المتحضرة كاليمن والحيرة وقليلاً في بلاد الحجاز، فالحميريون في اليمن دوّنوا كثيراً من أخبارهم وحوادثهم ونقشوا علي الأحجار ولا تزال آثارهم في ذلك تستكشف بين حين وحين، ويروي أن النبي (ص) لقي سويد بن الصامت وكان معه مجلة لقمان أعني صحيفة بها حِكَم لقمان.
وفي الإسلام كانوا يكتبون علي الرقاع والأضلاع وسعف النخل والحجارة الرقاق البيض. ويروي أيضاً أن أول من خط بالعربي الواضح مرامر بن مرة، وكان يسكن الأنبار إلي أن ظهر علماء الكوفة واشتغلوا باستنباط القواعد لهذا الخط فسمي بالخط الكوفي. ثم تبعهم بتدوين قواعده علماء البصرة. ومن الأنبار انتشرت الكتابة في العرب ثم جاء ابن مقلة فنقل الكتابة من الخط الكوفي إلي هذه الصورة وبعده ابن البواب.
كانت الكتابة العربية خالية من الشكل والنقط وبذلك تستوي عندهم كلمتا قال ومال، والواضع لبعض الشكل أبو الأسود الدؤلي وذلك عندما فشل اللحن باختلاط العرب بالعجم. يقول أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي المتوفي سنة 351 هـ في كتاب مراتب النحويين: جاء أبو الأسود إلي زياد ابن أبيّة فقال له: ابغني كاتباً يفهم عني ما أقول فجئ برجل من عبد القيس فلم يرض فهمه فأُتي بآخر من قريش فقال له: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة علي أعلاه، وإذا ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإذا كسرت فمي فاجعل النقطة تحت الحرف، فإن اتبعت شيئاً من ذلك غُنّة فاجعل النقطة نقطتين ففعل واختلف الناس إليه يتعلمون العربية.
بماذا تقيّمه؟