علم النفس الإكلينيكى

علم النفس الإكلينيكي واحد من المجالات التطبيقية لعلم النفس، وهو مجال ينمو بسرعة. وهو يطبق، أولاً وبالذات، في ميدان الصحة النفسية الذي يزداد الإهتمام به في مجتمعنا ازدياداً كبيراً، كما أن السيكولوجيين الإكلينيكيين يطالبون بالقيام بدور أساسي في حل المشكلات التي تنشأ في هذا الميدان. وعلم النفس ذاته علم جديد نسبياً، ومجالات تطبيقه في حال انتقال سريع. وليس هناك دائماً إتفاق علي النظريات أو الحقائق في هذا العلم، ولسنا نملك في علم النفس الإكلينيكي مجموعة من المهارات المسلّم بها والمتفق عليها، يمكن أن نجعلها أساساً في الإعتراف بمن نطلق عليه ممارساً مدرباً في هذا الميدان. والتعريف الملائم لهذا الميدان من ميادين الدراسة ينبغي أن يتضمن وجهات نظر متعددة. ولما كان من غير الممكن أن تقوم الأساليب التطبيقية بذاتها، فإنه يصبح من الضروري أن يختبر صدق النظرية والنتائج التجربية (الأمبيريقية) التي تقوم عليها أساليب الممارسة المختلفة. والغرض من هذا الكتاب هو تفهم طبيعة علم النفس الإكلينيكي ومكانته في الوقت الحاضر. وهو موجه إلي الطلبة المبتدئين، وغير المتخصصين، ودارسي فروع العلم الأخري المتصلة به. وينبغي النظر إلي هذا الكتاب علي أن له قيمة خاصة لمن يفكرون في احتمال اتخاذ علم النفس الإكلينيكي مهنة لهم.

ويهدف هذا الكتاب إلي تفهم علم النفس الإكلينيكي علي أساس واقعي، دون محاولة إخفاء الصعوبات والمشكلات ونواحي النقص، كما يهدف أيضاً بقدر الإمكان إلي وصف الوضع الحقيقي لهذا العلم والفرص الكثيرة المتاحة لتطوره. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف حاول المؤلف تجنب اللغة الفنية والإعتمتد علي المعلومات المتخصصة في الإحصاء ومناهج البحث. إن الهدف هو الوصول إلي فهم دون اللجوء إلي تبسيط مبالغ فيه لطبيعة الإنسان المعقدة أو لمشكلة فهم سلوكه.

ولما كانت النظرية وطرق التطبيق المأخوذ بها تتغير تدريجياً، فإن الميزة التي تتميز بها هذه الطبعة المعدلة إنما هي إضافة مواد جديدة، وليست إعادة كتابة الطبعة السابقة. وقد توسع المؤلف في هذه الطبعة بحيث أصبحت تتضمن وصفاً مختصراً للتطورات الجديدة مثل الصحة النفسية في البيئة المحلية، والعلاج السلوكي، والجماعات المتقابلة. وتتضمن الطبعة المعدلة أيضاً عدة دراسات توضيحية إضافية في البحث الإكلينيكي، وتفصيلات مناهج البحث ونتائجه، ومواد إضافية للأجزاء الخاصة بنظرية التعلم الإجتماعي وقياس الشخصية.

ومجمل القول أن هذا الكتاب الذي نقدمه كتاب قيّم، وُفق المؤلف فيه إلي التعريف بعلم النفس الإكلينيكي، ومجالات تطبيقه، وأساليبه المختلفة في عمليتي التشخيص والعلاج بأسلوب واضح دقيق، مع شمول في المعلومات وإيجاز في الغرض، مما جعل الكتاب مفيداً للمشتغلين بعلم النفس بعامة، وبعلم النفس الإكلينيكي بخاصة. ولا شك أن هذا الكتاب يسدّ حاجة كثير من المدرسين والطلاب في العالم العربي إلي كتاب في علم النفس الإكلينيكي تتوافر فيه المميزات التي توافرت في هذا الكتاب وهي الدقة، والوضوح، والشمول، والإيجاز.

وقد وُفق الأستاذ الدكتور عطية محمود هنا في ترجمة هذا الكتاب ترجمة دقيقة، وفي أسلوب سلس دقيق واضح. فله وافر الشكر والثناء علي المجهود الكبير الذي بذله في هذه الترجمة الدقيقة لهذا الكتاب.