0 نجمة - 0 صوت
د/ حسن عماد ، د/ ليلي حسين
تصنيف الكتاب: كتب الإعلام
عدد الصفحات: 423
حجم الكتاب: 8.9 MB
مرات التحميل: 14464
يعد الإتصال أحد السمات الإنسانية البارزة، سواء أكان ذلك في شكل كلمات أم صور أم موسيقي، مفيد أم ضار، مقصود أم عشوائي، فعلي أم مستتر، إعلامي أم إقناعي، واضح أم غامض، ذاتي أم مع الآخرين.
وتستخدم كلمة (الاتصال) في سياقات مختلفة، وتتضمن مدلولات عديدة، فهي بمعناها المفرد Communication تعني تبادل الأفكار والرسائل والمعلومات، وتشير في صيغة الجمع communications إلي الوسائل التي تحمل مضمون الاتصال.
ومن الصعب أن تخيل وجود المجتمع الديموقراطي الحديث بدون وسائل الاتصال، كذلك فإن وسائل الاتصال لا يمكن أن تدار بكامل طاقتها في مجتمع متخلف، ولذلك يصعب أن نقرر أيهما السبب وأيهما الأثر.. وبمعني آخر، هل المجتمع الحديث هو الذي يفرز وسائل الاتصال المتطورة أم العكس؟ وعلي الرغم من الجدل الدائر حول هذه العلاقة منذ سنوات عديدة، إلا أن المهم هو أن نفهم كيف يخدم كلٌ منهما الآخر؟ وما هي الوظائف التي يقدمها كلٌ منهما أيضاً للآخر؟
فخلال السنوات الأولي من القرن العشرين، بدأت النظم الإجتماعية في بعض المجتمعات الصناعية تتحول من النمط التقليدي المستقر الذي يرتبط فيه الأفراد بروابط مستقرة وثابتة، إلي مجتمع يتميز بقدر أكبر من التعقيد والعزلة الإجتماعية. وكان من الواضح لمعظم دارسي النظم الإجتماعية أن المجتمعات الغربية المتقدمة تشهد زيادة واضحة في درجة التمايز والفردية، وانخفاضاً في درجة سيطرة المجتمع علي أفراده من خلال الوسائل غير الرسمية، واتجاه متزايد نحو العلاقات الجزئية والإجتماعية التعاقدية، وكانت هذه التحولات الإجتماعية هي بداية ظهور المجتمع الجماهيري Mass Society، وهو المجتمع الذي يزداد فيه اعتماد الأفراد علي وسائل الإتصال الجماهيرية بدلاً من الإعتماد علي الروابط الإجتماعية التقليدية.
ويلاحظ المتابع للدراسات الإعلامية خلال القرن العشرين أنه لا يوجد اتفاق أساسي حول وظائف وسائل الإعلام في المجتمع، بل كثيراً ما يحدث الخلط بين الوظائف والتأثيرات. فبينما تهتم الوظائف بالدور العام الذي تؤديه وسائل، نجد أن التأثيرات عبارة عن نتائج وتحديد لهذه الأدوار العامة.
وعلي الرغم من عدم تصول علماء الاتصال لفهم كامل ودقيق لتأثير وسائل الاتصال علي العوامل النفسية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية لحياة الأفراد العاديين، إلا أن هؤلاء العلماء حشدوا قاعدة من نتائج البحوث التجريبية والمسحية التي تساعد في فهم هذه الظاهرة. ولعل إحدي المهام الأساسية لباحثي الإتصال هي تجميع تلك النتائج العلمية حول آثار وسائل الإتصال علي المتعاملين معها من قراء ومستمعين ومشاهدين، ومحاولة صياغة نظريات تساهم في فهم هذه الظاهرة والتنبؤ بما يمكن أن تؤدي إليه من إيجابيات وسلبيات.
ولما كانت وسائل الاتصال تكوّن إحدي العمليات المركزية التي يحصل الأفراد من خلالها علي فهم ذاتي للواقع الإجتماعي، فإن هذه العملية تظل موضوعاً للبحث غير محدد بوقت معين. ومع تزايد استخدام هذه الوسائل في حياة الأفراد، يصبح الدور الذي تلعبه في بناء الواقع الإجتماعي أكثر أهمية.
وبناءً علي ما سبق، يهدف هذا الكتاب إلي عرض نماذج الاتصال ونظرياته التي أفرزتها البحوث خلال القرن العشرين، وربطها بالأصول النفسية والاجتماعية التي أنتجتها العلوم الاجتماعية السابقة علي علم الاتصال.. مثل علم الإجتماع، وعلم النفس الإجتماعي، والعلوم السلوكية، وعلم اللغة، والأنثروبولوجي، وذلك من خلال طرح سبعة نماذج أساسية للاتصال، فضلاً عن أربعين نظرية تسعي إلي شرح وتقييم ظاهرة الاتصال في المجتمعات الحديثة.
بماذا تقيّمه؟