اساسيات علم الاجتماع الاعلامي

مع تعدد الظواهر الطبيعية وتنوعها تعددت مجالات العلم وتفرعت إلي العديد من التخصصات، ومن هذه التخصصات ما يختص بالطبيعة الإنسانية وعلاقة الإنسان بغيره من البشر، وتتطور هذه العلاقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة والتي تكون من خلالها أول لبنة للمجتمع وهو مجتمع الأسرة وما تفرع عنه من مجتمعات أكبر تحمل خصائص تميز كل طبقة إجتماعية عن أخري.

وعلي الرغم من الإختلاف حول بدايات العلم وأسسه وقواعده الذي يدرس العلاقات الإجتماعية والمجتمع عموماً ككل إلا أن هذا الفرع من فروع العلم يهتم بدراسة البناء الإجتماعي، والعلاقات الإجتماعية، والنظم الإجتماعية، والتغير الإجتماعي، والظواهر الإجتماعية وهو بهذا يتناول الفرد من حيث طبيعته الإجتماعية.

ولما كان الإعلام يحمل عناصر أساسية للإتصال ولا يمكن أن يتم بدون مجتمع يوجه إليه رسالة من خلال استخدام وسائل إعلامية عديدة تتطور بتطور تقنياتها، يستخدمها جمهور معين، فإن هذا المجال لا يمكن أن ينفك عن المجال الإجتماعي وعلم الإجتماع. ويلاحظ أنه كلما تطور علم الإعلام كلما ظهرت مدي ترابطه وتوافقه مع علم الإجتماع، ولذلك فإن علم الإجتماع الإعلامي يتعلق بكل موضوعات علم الإجتماع ولكن ما يخص الجانب الإعلامي فيه. وطالما قبلنا أنه علم إذاً لابد أن يتصف بجميع صفاته من موضوعية ودقة، واستخدام مناهج علمية للبحث فيه، وقابل للتحليل والوصول إلي نتائج تستخدم لتطوير هذا الفرع من فروع العلم سواء ما يتعلق بأساليب المرسل التي يتبعها، أو في تنوع وتطور الرسائل الإعلامية، أو في تطور تقنيات وسائل الإعلام وزيادة كفاءتها، أو في زيادة قدرة الجمهور أو المستخدمين علي الإستفادة من الرسائل الإعلامية لتطور سبل حياتهم وبالتالي في التأثير في عملية الإعلام ككل.

ويضع هذا الكتاب مجموعة من الأسس النظرية التي توضح مدي وأبعاد التداخل والترابط بين علم الإجتماع وعلم الإعلام وخاصة ما يتعلق بالتغيير الإجتماعي، والظواهر الإجتماعية، والعمليات الإجتماعية، وتطور النظريات الإعلامية المفسرة لها. ويتناول موضوعات أساسية لسيسيولوجيا الإعلام والتي تتيح إعطاء بعض التفاصيل النظرية والتطبيقية المتعلقة بوسائل الإعلام كظاهرة اجتماعية، ووسائل الإعلام كنسق أو نظام اجتماعي، والأنساق الحديثة لوسائل الاتصال، والاعلام والتغيير الاجتماعي، والاعلام والعلاقات الاجتماعية.

ومثل هذه الموضوعات تضع القارئ علي الخطوط الأساسية والنظرية التي يستطيع من خلالها التعرف علي مدي اختلاف وسائل الاعلام بإختلاف المجتمعات، وتصور وسائل الإعلام كنظام أو نسق اجتماعي له دوره ووظائفه وله القدرة علي التأثير والتأثر بباقي النظم الاجتماعية المحيطة بالفرد. ويعطي تصوراً لعناصر النظام الاجتماعي لتقريب الصورة حول هذا النظام والعلاقات الداخلية من عناصره ووظائفها وترابطها وأهمية بعضها البعض.

وقد كان لتطور وسائل الاتصال الحديثة حدوث تغيرات في النسق الاجتماعي لهذه الوسائل، وتغير في طريقة إرسال الرسالة واستقبالها وطرق التأثير علي الجمهور وتطورت كذلك الرؤية النظرية لهذه الأنساق الحديثة، ولهذا التطور لا تنفصل عن أصولها أو عناصر الإتصال الأساسية وربما شملت العديد من أنظمة الاتصال والاعلام وكان لها سمات أكثر اتساعاً وتنوعاً وتخصصاً وسرعة في التأثير، وربما دعا ذلك إلي تسمية المجتمعات بخصائص هذه التقنيات الاتصالية، حيث يذهب البعض إلي تسمية المجتمعات الحديثة بالمجتمعات الرقمية.