0 نجمة - 0 صوت
د/ روبرت سيالديني ترجمة/ سامر الايوبي
تصنيف الكتاب: كتب الإعلام
عدد الصفحات: 351
حجم الكتاب: 7.9 MB
مرات التحميل: 5414
أستطيع أن أعترف بحرية الآن أنني كنت طوال عمري سهل المنال، ذلك أنني لا أذكر نفسي سوي هدف سهل لإلحاح البائعين المتجولين وجامعي التبرعات والناشطين في مجال أو آخر. صحيح أن نوايا بعض هؤلاء الأشخاص كانت خبيثة، لكن نوايا الآخرين كانت طيبة جداً، كممثلي بعض الجمعيات الخيرية علي سبيل المثال. مهما كان، كنت أجد نفسي دوماً، وبتزايد مزعج، أشترك في مجلة لا أرغب في قراءتها، أو أشتري بطاقات لحضور حفل يقيمه أشخاص لا أعرفهم، كعمال الصرف الصحي مثلاً. رما كانت حالتي المزمنة هذه - بوصفي مغفلاً - هي سبب اهتمامي بدراسة المطاوعة. ما هي - بالتحديد - العوامل التي تجعل شخصاً ما يقول: (نعم) لشخص آخر؟ وما هي التقنيات الأكثر فاعلية في استخدام مثل هذه العوامل لكسب مثل هذه المطاوعة؟ كنت أتسائل: لماذا يُرفض طلب مقدم بطريقة معينة، بينما ينجح طلب يطلب المعروف نفسه، مقدماً بطريقة مختلفة قليلاً، في كسب القبول؟.
لذلك بدأت - بصفتي عالم نفس اجتماعي تجريبي - بإجراء الأبحاث في علم النفس المرتبط بالمطاوعة.
أخذت الأبحاث في البداية شكل تجارب تجري في معظمها ضمن مختبري علي طلاب الكليات. أردت أن أجد مبادئ علم النفس الأساسية التي تؤثر في الميل إلي مطاوعة الطلب. يعرف علماء النفس اليوم معلومات كثيرة متعلقة بهذه المبادئ، ما هي هذه المبادئ وكيف تعمل؟ لقد وصفت أمثال هذه المبادئ بأسلحة التأثير، وسوف أذكر بعضاً من أهمها في الفصول اللاحقة.
لكنني أدركت، مع مرور الوقت أن العمل التجريبي - برغم أهميته - ليس كافياً. لم يسمح العمل التجريبي لي بالحكم علي أهمية هذه المبادئ في العالم الممتد خارج بناء كلية علم النفس، وخارج الحرم الجامعي الذي كنت أدرّس فيه هذه المبادئ. بدا واضحاً أنه يجب عليّ - كي أفهم علم النفس في الموافقة فهماً كاملاً - أن أوسع مجال بحثي. يجب عليّ أن أدرس محترفي المطاوعة - الأشخاص الذين كانوا يطبقون هذه المبادي عليّ طوال عمري. إنهم يعرفون ما يجلب المطاوعة، وما لا يجلبها، يضمن لهم قانون بقاء الأقوي هذه المعرفة. يتركز عملهم علي جعلنا نطاوع، ويعتمد مستوي معيشتهم علي هذه المطاوعة. سرعان ما يسقط أولئك الذين لا يستطيعون دفع الناس إلي قول: (نعم)؛ بينما يبقي ويزدهر أولئك الذين يستطيعون دفع الناس إلي قول: (نعم).
بالطبع لا ينفرد محترفو المطاوعة في معرفة هذه المبادئ واستعمالها في تحقيق أهدافهم. نحن جميعاً - وإلي حد ما - نستعمل هذه المبادئ. ونقع فريسة لها في علاقتنا اليومية مع الجيران والأصدقاء والأحبة والأولاد. لكن محترفي المطاوعة يمتلكون أكثر من فهم الهواة المبهم لما يفيد في تحقيق المطاوعة، بالمقارنة مع البقية منا. عندما فكرت في ذلك أدركت أنهم يوفرون لي أغني مصدر معلومات يتوافر عن المطاوعة. لذلك جمعت - علي مدي ثلاثة أعوام تقريبا - دراساتي التجريبية مع برنامج أكثر إمتاعاً يتضمن الإنغماس في عالم محترفي المطاوعة: ممثلي المبيعات، وجامعي التبرعات، والمجندين، ومحترفي الإعلان، وآخرين.
كان الهدف هو الدراسة من الداخل لأكثر التقنيات والإستراتيجيات استعمالاً وكفاءة. التي يستعملها - بكفاءة - طيفٌ واسع من ممارسي المطاوعة. كان برنامج الدراسة يتخذ في بعض الأحيان شكل مقابلات مع الممارسين أنفسهم، وأحياناً شكل مقابلات مع الأعداء الطبيعيين لبعض هؤلاء الممارسين (فرقة مكافحة الخداع في الشرطة، ووكالات حماية المستهلك علي سبيل المثال).
تضمن البرنامج في أحيان أخري فحصاً دقيقاً للمواد المكتوبة التي تمرر فيها تقنيات المطاوعة من جيل إلي آخر، كتيبات البيع، وأمثالها.
بماذا تقيّمه؟